الديمقراطية والقومية
ظهرتا كقوتين سياسيتين مؤثرتين في أوروبا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين. ولقد نمت الحركة الديمقراطية لدرجة كبيرة، بسبب عصر التنوير، وتحديات ذلك العصر للسلطة التقليدية. أما القومية فلقد انبثقت تباعًا من المشاعر القومية، التي وحدّت أفراد كل شعب من شعوب أوروبا في نضالهم من أجل الحكم الديمقراطي. قام الشعب الإنجليزي في القرن السابع عشر بأخطر تحد في القرون الوسطى ضد تسلط الملوك في أوروبا، حيث ألغى نظام الملكية في أعقاب حرب أهلية، فاختفت الملكية لمدة عشرة أعوام في منتصــف القرن السابع عشر، وفي عام 1689م، أجاز البرلمان الإنجليزي وثيقة (بيان) الحقوق التي أعطت البرلمان سلطات أوسع وحدت من سلطة الملوك، ومنحت الشعب ضمانات تكفل له حريته. تعد الثورة الفرنسية التي استمرت من عام 1789م إلى عام 1799م أكثر الثورات الديمقراطية أهمية في أوروبا في تلك الفترة. فلقد ثارت الطبقتان الدنيا والوسطى الناميتان ضد الملك لويس السادس عشر واستولتا على مقاليد الحكم. وتبنـت الجمعية الوطنية الفرنسية وثيقة إعلان حقوق الإنسان وحقوق المواطن. وهي وثيقة تطرح مبادئ حرية الإنسان وحقوق الفرد من وجهة النظر الأوروبية. وفي أثناء الثورة الفرنسية برز من بين صفوف الجيش الفرنسي نابليون بونابرت الذي تمكن من الاستيلاء على الحكم عام 1799م، وبـاستيلائه على الحكم كانت نهاية الثورة الفرنسية. وضعت الثورة الفرنسية فرنسا في وضع مواجهة مع الدول الأوروبية الأخرى. فقد انتاب ملوك الدول الأوروبية الأخرى الهلع من انتشار أهداف وغايات الديمقراطية. وكان جـيـش نابليون يبدو منذ البداية جيشًا لايقهر. ففي عام 1812م تمكن نابليون من الاستيلاء على أهم الأراضي الأوروبية الرئيسية الواقعة إلى الغرب من روسيا، لكنه فقد معظم جيشه في العام نفسه عندما قام بغزو روسيا. وكانت معركة واترلو المعركة الحاسمة في تاريخ فرنسا إذ هُزم فيها نابليون وتم عزله من الحكم من قبل قوات الحلفاء الأوروبيين عام 1815 م. إلا أن أفكار الثورة الفرنسية استمرت في الانتشار في كل أنحاء أوروبا. اجتمع قادة أوروبا السياسيون في مؤتمر فيينا خلال عامي 1814 و 1815م، محاولين إعادة نظام أوروبا السياسي للحالة التي كان عليها قبل الثورة الفرنسية. أجرى المؤتمر تعديلات في حدود العديد من الدول الأوروبية، كما حاول كبح مشاعر الشعب نحو الديمقراطية والقومية، وأعاد المؤتمر الملكية ـ التي أطاح بها نابليون ـ إلى فرنسا وأسبانيا وإلى العديد من الدول الأوروبية الأخرى. وفي بعض الحالات نجح المؤتمر في توحيد مختلف القوميات تحت حكم واحد. ولكن هذه التغييرات فشلت في إيقاف انـتـشـار القومية والديمقراطية في أوروبا. اندلعت عدة ثورات خلال القرن التاسع عشر الميلادي في أجزاء متفرقة من أوروبا، وتم تكوين عدة حكومات وطنية. فعلى سبيل المثال اندلعت ثورات ضد الحكم الملكي في إيطاليا وأسبانبا عام 1820م، وفي اليونان عام 1821م. وفي مطلع الثلاثينيات قامت الثورات الديمقراطية في كل من بلجيكا وفرنسا وبولندا. وفي عام 1861 م قامت دولة إيطاليا الوطنية. وفي عام 1871م تبعتها دولة ألمانيا فظهرت كدولة وطنية. وبحلول القرن العشرين الميلادي أصبح لكل دولة أوروبية باستثناء روسيا دستور خاص بها وعلى الأقل، بعض المؤسسات الديمقراطية. الثورة الصناعية التي بدأت في أوروبا في القرن الثامن عشر كان من نتائجها استخدام أول قاطرة بخارية. توضح الصورة افتتاح خط حديدي في أسكتلندا في عام 1831م. الثــورة الصناعـيـة. بدأت في بريطانيا خلال القرن الثامن عشر الميلادي، ثم نمت بسرعة فائقة مع تطور الآلات ذات المحرك والأساليب الحديثة للإنتاج. وبعد ذلك انتشرت في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي في غربي أوروبا. كان معظم الأوروبيين يعملون بالزراعة قبل الثورة الصناعية. ولكن بعد ظهور المصانع تحولت المدن بسرعة فائقة إلى مدن صناعية. وبدأ سكان الريف في التدفق نحو المدن للعمل في المصانع. فأحدث ذلك النمو الصناعي تحولات اجتماعية هائلة كما بدأت الطبقة الوسطى من وجهاء رجال الأعمال والصناعيين في النمو السريع. فلقد استأثر هؤلاء بامتلاك معظم المصانع، وتوظيف العمال، وإدارة البنوك والمناجم والأسواق، والسكك الحديدية والمؤسسات التجارية. أصبحت وسائل الإنتاج الحديث في الوقت نفسه تمثل تهديدًا لأصحاب المهن والحرف اليدوية الماهرة وخرجت المرأة والأطفال للعمل خارج المنزل، كما تدفق العمال غير المهرة إلى المدن الصناعية. فاكتظت المدن بالعمال الذين كانوا يتقاضون أجورا متدنية ويعيشون في أوضاع سيئة وفقر مدقع. ظهر الفيلسوف الاشتراكي الألماني كارل ماركس صاحب نظرية الشيوعية خلال منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وكان يحض العمال على الثورة للانقضاض على الرأسمالية، وإقامة أنظمة اقتصادية تديرها الدولة، ومجتمعات تذوب فيها الطبقات الاجتماعية، كما أنه كان يؤمن بحتمية قيام الثورة الاشتراكية كنتيجة طبيعية للثورة الصناعية. لكن لم تحدث الثورة كما تكهن بها ماركس. نجح العمال في كثير من الدول في اكتساب الحق في تكوين النقابات العمالية خلال القرن التاسع عشر الميلادي. فبدأت بريطانيا ودول أخرى إقرار قوانين تنظيم العمل والعمال في المصانع. وكان لبريطانيا وألمانيا الدور الرائد في وضع تطبيق تشريع الضمان الاجتماعي الذي يضمن للعمال التأمين ضد الحوادث والمرض والبطالة. وبنهاية القرن التاسع عشر الميلادي كوّنت النقابات ووُضعت قوانين تنظيم العمل والعمال في معظم الدول الصناعية
.
=======================================================
التوسع الاستعماري
كان من أثر الثورة الصناعية، التي كانت ماتزال مستمرة في تقدمها، توسع الدول الأوروبية الاستعماري بحثًا عن المواد الخام مثل لب جوز الهند والقطن لسد حاجة المصانع، وسعيًا لإيجاد أسواق لمنتجات تلك المصانع. وبما أن هذه المواد متوفرة بكثرة في قارتي إفريقيا وآسيا، وبما أن القارتين كانتا بمثابة أسواق ضخمة للسلع الأوروبية كالأسلحة والملابس والحديد، فقد أصبحتا هدفًا للتوسع الاستعماري الأوروبي. ونسبة لهذه الأسباب مجتمعة سارعت الدول الأوروبية بصفة رئيسية وخاصة فرنسا وإنجلترا إلى إقامة العديد من المستعمرات في هاتين القارتين. وخلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين أصبحت معظم بلدان إفريقيا ونحو ثلث أقطار آسيا مستعمرات أوروبية. أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى توضح هذه الخريطة أوروبا في 1914م، قبل الحرب العالمية الأولى. نالت معظم دول البلقان استقلالها من الدولة العثمانية في ذلك الوقت، بدأت دول أخرى في المطالبة باستقلالها من النمسا - المجر ومن ألمانيا ومن روسيا.
=======================================================
الحرب العالمية الأولى
بدأت في أوروبا كنتيجة مباشرة أولاً للتنافس الاقتصادي بين الدول الأوروبية وتسابقها على إقامة المستعمرات، وثانيًا لرغبة الجماعات القومية في تحقيق الاستقلال لبلادها، وثالثًا كنتيجة للأحلاف العسكرية السرية بين دول أوروبا. انقسمت دول أوروبا إلى مجموعتين متصارعتين كانت المجموعة الأولى تضم بريطانيا وفرنسا وروسيا ودولاً أخرى وكانت تعرف باسم الحلفاء، تقابلها المجموعة الثانية التي تضم ألمانيا والمجر والنمسا وحلفاءهم وكانت تعرف بدول الوسط. انضمت الولايات المتحدة الأمريكية للحلفاء عام 1917م، وقامت في نوفمبر من العام نفسه الثورة البلشفية التي أدت إلى إقامة ديكتاتورية شيوعية في روسيا مما جعلها تنسحب من الحرب. وفي عام 1918 م انتصر الحلفاء فتم التوقيع على معاهدة فرساي التي انتهت بموجبها الحرب عام 1919م. انظر: فرساي، معاهدة. أحدثت الحرب كثيرًا من التغييرات في حكومات دول أوروبا، فمثلاً قسمت النمسا ـ المجر إلى عدة دويلات قومية، كما نالت ست دول استقلالها، وهي تشيكوسلوفاكيا وإســتونيا ولاتفيا ولتوانيا وبولندا، والدولة التي أصبحت تعرف فيما بعد باسم يوغوسلافيا. كما انهار النظام الملكي في ألمانيا، وقامت مكانه جمهورية ديمقراطية. انظر: الحرب العالمية الأولى. أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى توضح الخريطة أوروبا في حوالي عام 1923م بعد تطبيق المعاهدات التي وضعت نهاية للحرب العالمية الأولى. ونتيجة لتلك المعاهدات نال عدد كبير من دول وسط وشرقي أوروبا الاستقلال من الدول التي كانت تعرف بألمانيا وروسيا والنمسا - المجر.
======================================================
العالم بين الحربين العالميتين
لم تترك معاهدة فرساي بعض المشاكل والأمور المعلقة بدون حل فحسب بل أوجدت مشاكل جديدة مثل تغيير الحدود بين الدول وتكوين دول أوروبية جديدة، كما أجبرت ألمانيا على نزع السلاح وفــرضت عليها دفع تعويضات هائلة للحلفاء. وفي العقد الثاني من القرن العشرين الميلادي طالبت الأقليات الألمانيــة فــي الدول حديثة التكوين بسيادة ألمانيا عــلى أراضيهاله، بينما كان الألمان والإيطاليون يساعدون القوات المتمردة بقيادة فرانسيسكو فرانكو الذي حالفه النصر فكسب الحرب. انظر: أسبانيا.
=======================================================
الحرب العالمية الثانية
جلبت الدمار لكثير من المدن الأوروبية الصغيرة والكبيرة. وكان غزو ألمانيا لبولندا في أول سبتمبر 1939م بداية الحرب التي انتهت في 1945م. الحرب العالمية الثانية. اندلعت الحرب العالمية الثانية في أوروبا بعد أن استولت ألمانيا على النمسا وتشيكوسلوفاكيا (سابقـًا) وقامت بغزو بولندا. ولقد دخلت الحرب كل من ألمانيا وإيطاليا واليابان وعدد قليل من الدول الأخرى، أي دول المحور ضد دول الحلفاء التي شملت فرنسا وبريطانيا والاتحاد الســوفييتي سـابقـًا والولايات المتحدة وأكثر من أربعين دولة أخرى. حاولت كل من بريطانيا وفرنسا وحلفاؤهما عند بداية اندلاع الحرب إعاقة تقدم ألمانيا داخل أوروبا، إلا أن موسوليني وهتلر تمكنا عام 1941م من احتلال جميع دول أوروبا تقريبًا وفرض السيطرة الكاملة عليها، باستثناء الجزء الأوروبي الواقع في الاتحاد السوفييتي (سابقـًا). وفي ذلك العام قامت ألمانيا كذلك بغزو الاتحاد السوفييتي السابق. وشنت اليابان هجومًا على قوات الولايات المتحدة في ميناء بيرل هاربر بهاواي. بدخول الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة الحرب مع الحلفاء، بدأ مجرى القتال يتحول تدريجيًا ضد دول المحور لصالح الحلفاء. فسقطت إيطاليا في عام 1943م، أما ألمانيا فقد واصلت الحرب في أوروبا حتى عام 1945م. كانت نتيجة الحرب العالمية الثانية الخسائر الجسيمة في الأرواح والممتلكات، إذ بلغ عدد القتلى والممتلكات التي دمرت في هذه الحرب رقمًا قياسيًا لم يكن له مثيل في أي حرب سابقة. انظر: الحرب العالمية الثانية.
=======================================================
أوروبا بعد الحرب
جلبت الحرب العالمية الثانية النهاية الحقيقية لأوروبا الغربية كمركز قوة عالمية، إذ أنها أضعفت الدول الأوروبية الرئيسية وسلبتها هيمنتها تقريبًا على جميع مستعمراتها في إفريقيا وآسيا في خلال فترة خمسة عشر عاماً. وبنهاية الحرب ظهر الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية كقوتين عظميـين في العالم، حيث قامت الحكومات الشيوعية الواقعة تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي بالاستيلاء على العديد من دول أوروبا الشرقية. بينما أصبحت دول أوروبا الغربية تعتمد اقتصاديًا وعسكريًا على الولايات المتحدة، كما تم تقسيم ألمانيا إلى ألمانيا الشرقية تحت حكومة شيوعية، وألمانيا الغربية تحت حكومة غير شيوعية. عمت الفوضى أوروبا في أعقاب الحرب، إذ أصبح الملايين من الأوروبيين لاجئين بدون مأوى، يهيمون في ميادين المعارك، وسط الدمار الذي خلفته الحرب، فتفشت الأمراض، وظهرت المجاعات التي انتشرت بسرعة مذهلة في جميع أنحاء القارة الأوروبية. وفي عام 1948م أنـشـأت الولايات المتحدة الأمريكية البرنامج الأوروبي الإسعافي الذي عرف بمشروع مارشال لمساعدة أوروبا الغربية على إعادة بناء اقتصادياتها. ثم تلا ذلك برامج المساعدات الأمريكية العديدة حتى أصبح إنتاج دول أوروبا الغربية في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي يفوق إنتاجها في فترة ماقبل الحرب، بينما كانت دول أوروبا الشرقية تستعيد عافيتها ببطء شديد بمساعدة الاتحاد السوفييتي سابقًا
=======================================================
الحرب الباردة
بعد فترة قصيرة من نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبحت أوروبا مركزًا للصراع بين الدولتين العظميين. الشيوعيون كانوا بزعامة الاتحاد السوفييتي سابقًا والرأسماليون بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. ولقد عرف هذا الصراع الذي بلغ أوجه في الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن العشرين بالحرب الباردة. اشتركت الولايات المتحدة وكندا ومعظم دول أوروبا الغربية عام 1949م في تكوين منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). وكان الغرض من هذا الحلف العسكري الدفاعي إيجاد قيادة عسكرية موحدة للدفاع عن الدول الأعضاء. انظر: حلف شمال الأطلسي. وفي عام 1955م وقع الاتحاد السوفييتي السابق مع معظم دول أوروبا الشرقية معاهدة دفاع مشترك عرفت باسم حلف وارسو. شهدت أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين تخفيف حدة التوتر الذي كان من سمات الحرب الباردة تدريجيًا. وبدأت ألمانيا الغربية تسعى لتحسين علاقاتها مع جاراتها من الدول الشيوعية، كما بدأت دول أوروبا الشرقية تعمل باستقلالية عن الاتحاد السوفييتي (سابقـًا)، فتركت ألبانيا المعسكر السوفييتي السابق لتناصر الصين، وأقامت رومانيا علاقات تجارية مع الغرب. كما بدأت تشيكوسلوفاكيا (سابقـًا) في تنفيذ برنامج إصلاحي تمنح بموجبه المزيد من الحريات لشعبها إلا أن الاتحاد السوفييتي (سابقـًا) بادر بغزو تشيكوسلوفاكيا (سابقـًا) في عام 1968م، فوضع بذلك حدًا لحركة الإصلاح الديمقراطي. هذا الاستعراض للقوة دل على حرص الاتحاد السوفييتي (سابقًا) على المحافظة على سيطرته على دول أوروبا الشرقية بأية وسيلة. انظر: الحرب الباردة . هدم سور برلين يمثل حدثًا مهمًا في تاريخ أوروبا الحديثة. إزالة الحائط ترمز لوحدة برلين ونهاية الحرب الباردة بين أوروبا الشرقية والغربية. نحو وحدة أوروبية. تكتلت دول أوروبا الغربية في سني مابعد الحرب في شكل منظمات لتعمل معًا لحل مشكلاتها. تكون المجلس الأوروبي عام 1949م وكان الهدف منه ترابط الدول الأعضاء ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا. وأنشئت المجموعة الأوروبية للفحم الحجري والفولاذ (ecsc) عام 1951م وكان الهدف من إنشائها تطوير صناعة الفحم الحجري والحديد والفولاذ في بلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبرج وهولندا وألمانيا الغربية. كون الأعضاء الستة للمجموعة الأوروبية للفحم الحجري والفولاذ عام 1957م الجماعة الاقتصادية الأوروبية (المجموعة الأوروبية)، وكان الهدف من هذا التنظيم إزالة الحواجز والقيود التي كانت تعوق حرية حركة السلع والعمالة ورأس المال والخدمات بين الدول الأعضاء. وفي العام نفسه (1957م) اتفقت تلك الدول الست على تكوين جماعة الطاقة الذرية الأوروبية (أوراتوم) للعمل معًا على تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية. وفي عام 1958م بدأت المجموعة الأوروبية للفحم الحجري والفولاذ وجماعة الطاقة الذرية العمل بالفعل. أصبحت الدول الست الأعضاء تُعرف بالمجموعة الأوروبية، وأصبحت المجموعة الأوروبية للفحم الحجري والفولاذ والجماعة الاقتصادية الأوروبية مجتمعتين تعرفان بالسوق الأوروبية المشتركة. وفي عام 1967م تم دمج الوحدات التنفيذية للمجموعة الأوروبية للفحم الحجري والفولاذ والجماعة الاقتصادية الأوروبية لتشكيل نظام إداري موحد. وفي عام 1973م انضمت إلى المجموعة الأوروبية كل من بريطانيا والدنمارك وأيـرلندا. وانضمت اليونان للمجموعة عام 1981م، والبرتغال وأسبانيا عام 1986م. ولقد شهدت المجموعة الأوروبية توسعًا أكبر عام 1990م عندما تم توحيد شطري ألمانيا في دولة واحدة سميت بألمانيا. انظر: المجموعة الأوروبية. تكونت في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين منظمات أخرى لدول أوروبا الغربية مثل اتحاد التجارة الحرة الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ولقد أُنشئت هاتان المنظمتان بهدف دفع النشاط الاقتصادي، وأنشئت منظمة أبحاث الفضاء الأوروبية (الآن وكالة الفضاء الأوروبية) بهدف إنشاء برامج أبحاث فضائية مستقلة تخص دول أوروبا الغربية. انظر: اتحاد التجارة الحرة الأوروبي؛ وكالة الفضاء الأوروبية. أصبح فيلي برانت عام 1969م مستشارًا لألمانيا الغربية، فبدأ بالعمل تجاه تحسين العلاقات بين أوروبا الشرقية والغربية. فـلأول مرة ومنذ تقسيم ألمانيا اجتمع القادة في ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، وكان ذلك عام 1970م. وفي العام نفسه وقعت ألمانيا الغربية وبريطانيا اتفاقيتي عدم اعتداء مع كل من الاتحاد السوفييتي سابقًا وبولندا. جاءت إلى هلسنكي عاصمة فنلندا عام 1975م وفود من جميع الدول الأوروبية باستثناء ألبانيا وأندورا، ووفود من كندا وقبرص والولايات المتحدة لتلتقي في مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا، حيث تم التوقيع على اتفاقيات هلسنكي الأولى التي سميت بقانون هلسنكي الختامي. وبموجب هذه الاتفاقيات تعهد الموقعون عليها ببذل المزيد من التعاون في الشؤون الاقتصادية وحفظ السلام وتعزيز حقوق الإنسان. إلا أن هذه الاتفاقيات أصبحت فيما بعد سببًا للنزاع في أوروبا الشرقية. إذ اتهم بعض المواطنين في الاتحاد السوفييتي السابق والدول الشيوعية الأخرى حكوماتهم بالإخفاق في تطبيق حقوق الإنسان التي نصت عليها الاتفاقيات. انظر: هلسنكي، اتفاقيات .
=======================================================
التطورات الحديثة
شرعت حكومات وشعوب كثير من الدول الأوروبية في القيام ببعض الإصلاحات منذ عام 1980م. فمنذ عام 1985م بدأ ميخائيل جورباتشوف تطوير سياسات الجلاسنوست أي سياسة المكاشفة وسياسة البروسترويكا أي الإصلاح الاقتصادي. تظاهرات الاحتجاج ضد حكومات دول أوروبا الشرقية في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي. عمَّت المظاهرات براغ عاصمة تشيكوسلوفاكيا السابقة، وطالبت مدن أخرى بالحرية وبإنهاء الحكم الشيوعي. كان من نتائج هذه الإصلاحات في الاتحاد السوفييتي السابق في أواخر عام 1980م، قيام سلسلة من الحركات الإصلاحية عبر أوروبا الشرقية. فقد قامت أعداد كبيرة من الجماهير في بولندا والمجر وتشيكوسلوفاكيا (سابقـًا) وألبانيا ورومانيا وبلغاريا، بتظاهرات تطالب بالمزيد من الحريات، لإنهاء الحكم الشيوعي. وفي عامي 1989 و1990م جرت انتخابات حرة في تلك الدول دخلتها عدة أحزاب، وكانت النتيجة أن استولت الأحزاب غير الشيوعية على الحكم، فرفعت تلك الحكومات القيود على الحريات المدنية، مثل حرية التعبير وحرية العقيدة وحرية الصحافة. كما بدأت أيضًا بتنفيذ برنامج لإدخال نظام العمل الحر في اقتصاديات دولها التي كانت تديرها تلك الحكومات. وفي عام 1990م، تم توحيد الألمانيتين الشرقية والغربية في دولة واحدة غير شيوعية. انتهى نظام الحكم الشيوعي عام 1991م في أعقاب فشل المحاولة الانقلابية التي قام بها نفر من الشيوعيين المحافظين لإسقاط ميخائيل جورباتشوف، وجمد البرلمان السوفييتي جميع نشاطات الحزب الشيوعي بعد المحاولة الفاشلة. كما اعترف البرلمان أيضًا باستقلال جمهوريات إستونيا ولاتفيا ولتوانيا التي استولى عليها الاتحاد السوفييتي سابقـًا في عام 1940م. ثم أعلنت 12 جمهورية سوفييتية أخرى استقلالها. وفي 25 ديسمبر 1991م استقال جورباتشوف من منصبه وانهار الاتحاد السوفييتي رسميًا. وشهدت ألبانيا عام 1992م وصول حكام غير شيوعيين إلى سدة الحكم. وبين عامي 1991 و1992م، أعلنت أربع من جمهوريات يوغوسلافيا استقلالها وأدارت ظهرها للنظام الشيوعي، هذه الدول هي: البوسنة والهرسك وكرواتيا ومقدونيا وسلوفينيا، أما صربيا والجبل الأسود فقد شكلتا يوغوسلافيا صغرى جديدة. حارب الصرب في البوسنة والهرسك وكرواتيا حكومتي هاتين البلدين للاستيلاء على الأراضي التي يسكنها صربيون. تدخلت الأمم المتحدة والدول الكبرى ووضعت حدًا للنزاع بنهاية عام 1995م. وفي عام 1998، هاجمت القوات الصربية إقليم كوسوفو الذي يطالب بالاستقلال. وفي مارس 1999م، قصفت قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) أهدافًا عسكرية في صربيا لإجبار حكومتها على قبول اتفاق سلام مع شعب كوسوفو. وفي يونيو من العام نفسه سحبت صربيا قواتها من كوسوفو، وتوقف قصف حلف الناتو وأرسل قوة دولية لحفظ السلام في الإقليم. وفي عام 2003م، أصبحت يوغوسلافيا تعرف باسم صربيا و الجبل الأسود. وفي نهاية التسعينيات من القرن العشرين أنشأت 11 دولة أوروبية الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي. وفي عام 1999م، اتخذ الاتحاد من اليورو عملة مشتركة للدول الأعضاء. وتم تداول اليورو رسميًا بدءًا من عام 2002م. وفي عام 2004م، انضمت عشر دول أخرى للاتحاد الأوروبي